هى مصرية شابة ..نجحت فى تحقيق إنجاز عالمى، لم يسبقه اليها أحد فى الوطن العربى ، هى الفنانة العالمية فرح الديبانى ،أول عربية تفوز بجائزة أفضل مغنية أوبرا شابة من أوبرا باريس لتضيف إسمها بحروف من نور فى قائمة إنجازات المرأة العربية.
وفرح الديبانى ليست فقط فنانة موهوبة ، وصاحبة صوت أوبرالى غير شائع يسمى “ميتزو سوبرانو” ، لكنها أيضا فتاة دؤوبة مكافحة، درست الهندسة فى مصر وألمانيا ، وفى ألمانيا أيضا درست الأوبرا ، وحصلت على الماجستير فى الغناء الأوبرالى، وكانت أول مصرية تلتحق بأوبرا باريس .
حول رحلتها الفنية ونجاحاتها الكبيرة رغم سنها الصغيرة كان للشرقية معها هذا الحوار.
من صاحب الفضل فى اكتشاف موهبتك الفنية؟
أنا من البداية عشت وسط أسرة تحب الفنون، فرغم أن أبى مهندس ، وأمى تعمل فى مجال البنوك، إلا أنهما يعشقان فن الأوبرا، وجدى أيضا كان يعزف البيانو ،وهو الذى شجعنى على العزف والغناء، لكن أول من إلتفت لموهبتى فى الغناء الأوبرالى كان مدرس الموسيقى بالمدرسة الألمانية بالاسكندرية والتى كنت أدرس بها ، ولأن صوتى عميق ، فقد بدأت بالغناء “ألتو” ، وبالتدريب أصبحت طبقة صوتى “ميتزو سوبرانو” وهى طبقة صوت غير شائعة مقارنةً بالسوبرانو، وبدأت أشارك فى الحفلات والمسابقات المدرسية ، وبعد انتهاء دراستى بالمدرسة الألمانية التحقت بكلية الهندسة لأصبح مهندسة مثل أبى.
وكيف تحول مسار حياتك من الهندسة إلى الفن والغناء الأوبرالى؟
أثناء دراستى للهندسة فى مصر, قررت دراسة الأوبرا، فسافرت إلى ألمانيا وقمت بمعادلة ما درسته فى الهندسة، ثم استكملت دراسة الهندسة بجامعة برلين، وفى نفس الوقت قمت بدراسة الغناء الأوبرالى، وحصلت على بكالوريوس الهندسة قسم عمارة من جامعة برلين، و فى نفس الوقت حصلت على بكالوريوس الغناء الأوبرالى .
وخلال فترة الدراسة كنت أعمل فى أوبرا نويكل فى برلين، وبعد تخرجى عام 2016م تقدمت لاختبارات الالتحاق بفرقة أوبرا باريس للمطربين الصاعدين, ونجح أربعة من بين 800 متسابق، كنت واحدة منهم كأول مصرية وعربية تغنى فى أوبرا باريس، وبدأت أغنى فى أوبرا بولشوى وفى لبنان والصين، وقدمت
حفلات فى روما بإيطاليا، كما قدمت حفلات فى الأوبرا المصرية ومكتبة الاسكندرية، وشاركت فى عدة مسابقات حصلت خلالها على مراكز متقدمة ،كما حصلت على الماجستير فى الغناء الأوبرالى .
ماذا يكون شعورك وأنت تغنين على خشبة المسرح؟
تجيب بسعادة وحماس: أشعر أنى إنسانة أخرى، فى عالم آخر، وأندمج لدرجة أننى لا أشعر بما حولى، فالأوبرا موود ومناخ مختلف ومبهر فى التجهيزات والديكور والملابس وكل شئ.
هل الغناء الأوبرالى يتطلب تدريبات مختلفة وإعداد خاص؟
تقول بسرعة : بالتأكيد ، فتدريبات الغناء الأوبرالى شاقة جدا ويومية ، وأنا لدى عدة مدربين، فهناك تدريبات للصوت والعضلات ومخارج الألفاظ وعلم الفوناتكس، واللغات
ويكفى أن تعلمى أن الغناء الأوبرالى لمدة ساعة يحرق 1000 سعر حرارى لأن مغنى الأوبرا يستخدم كل عضلات جسمه، ويغنى بدون ميكروفون, فيحتاج كل قوة جسمه ليدعم صوته.
وهل هناك استعدادات خاصة للحفلات؟
قبل الحفل بيوم يجب الإمتناع عن الأطعمة الحريفة ، والإكثار من المشروبات الطبيعية الساخنة كاليانسون، أما الشاى فغير مسموح به لأنه يصيب الصوت بالجفاف، يجب أيضا النوم جيدا، والإقلال من الكلام لراحة الأحبال الصوتية.
وماذا عن الرياضة؟
قبل الإحتراف الأوبرالى كنت أمارس التنس والعاب القوى، ولكنى الأن لا أستطيع ممارستها، لأن طقوس الغناء تختلف عن طقوس الرياضة، فالرياضة تشد العضلات التى يستخدمها مغنى الأوبرا، ومغنى الأوبرا يحتاج مرونة فى العضلات.
ماذا عن هواياتك بعيدا عن الغناء؟
أحب السفر، للتعرف على شعوب وثقافات ولغات جديدة ، وأنا أحب اللغات وأجيد خمس لغات إجادة تامة هىالعربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والأسبانية ، وأحب أن أتحدث مع كل شعب بلغته، وأنا أعشق أماكن كثيرة فى مصر، أهمها مدينتى الاسكندرية التى أشتاق لبحرها دائما وأنا فى الغربة، كما أحب الواحات وسيوة والفيوم.
هل عملك يشغلك عن فكرة الزواج؟
لا أرفض فكرة الزواج، ولكنى أتصور أن معظم الرجال الشرقيين لن يتقبلوا بسهولة طبيعة عملى الذى يضطرنى للسفر كثيرا ، ويجعل روتين حياتى غيرطبيعى، وحتى الآن عملى له الأولوية إلى أن ألتقى بالإنسان المناسب، وهو توفيق من الله أولاً وأخيراً.
هل حياتك فى الغربة أخذتك بعيدا عن الفنون المصرية؟
تقول بسرعة: بالعكس، فأنا أعشق السينما المصرية القديمة، وأشاهد يوميا فيلما من أفلام الأبيض والأسود، وخاصة أفلام عمر الشريف.
ما هى طقوسك حينما تزورى مصر خلال أجازاتك؟
أنا فى الغربة أفتقد مصر وأهلى وأصدقائى القدامى، ومشاعر الود والترابط، وأكون فى منتهى السعادة بوصولى مصر، وأول شئ أحرص عليه هو تناول وجبة ملوخية بالفراخ التى أعشقها، وتحرص أمى على إعدادها لى بمجرد وصولى، لأنى أحب الأكل الشرقى كله، ومن أهم طقوسى أيضا اللقاء بأصدقاء الطفولة، وتناول الشاى يوميا فى نادى سبورتنج.
هل ترى أن الشعوب العربية بدأت تتذوق فن الأوبرا مثل الغرب؟
نعم، أشعر فى السنوات الأخيرة بان هناك إهتماماً عربياً بهذا الفن، وتقام الأن العديد من حفلات الأوبرا فى الدول العربية مثل لبنان والإمارات، وطبعا مصر، وقد كنت سعيدة جداً بتكريمى فى مؤتمر الشباب فى يولية الماضى بالعاصمة الإدارية ، وبالمناسبة تذوق فن الأوبرا لا يتطلب فهم اللغة، بل تذوق نوع الموسيقى والإحساس والصوت.
ما أهم الجوائز التى حصلت عليها؟
من الخارج جائزة أفضل مطربة صاعدة من أوبرا باريس، وحصلت على المركز الثالث في مسابقة جوليو بيروتي الألمانية، ومن مصرعدة جوائز من الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب، ومن المجلس الأعلى للثقافة، ومن جامعة النيل, وأخيراً حصلت على جائزة حسن كامى و التى تسلمتها من البرنس عباس حلمى فى قصر المنيل, كذلك جائزة مؤسسة فاجنر للمغنيين الصاعدين و رشحت لأكون أحسن مغنية أوبرا صاعدة على دور كارمن من مجلة عالم الأوبرا الألمانية.
بعد كل هذا النجاح ، ما هى أحلامك حاليا؟
الحفاظ على النجاح فى فن الأوبرا هو التحدى الأصعب، لأن الأوبرا فن قاسى، قائم على التحدى المستمر، والتدريبات العنيفة، والنقد القاسى لأقل خطأ، لذلك يحتاج مجهوداً نفسياً وبدنياً ومنتهى الدقة والإخلاص.
وأحلامى الأن أن أغنى فى فيينا وميونيخ ومترو بوليتان بنيويورك والأوبرا الجديدة فى مصر، وأن يكون هناك تبادل مشاعر بينى وبين الجمهور فى كل مكان وأن أترك أثرا فى الناس، وأساهم فى نشر هذا الفن فى كل أنحاء العالم العربى.
غادة زين العابدين
Photographer: Nahoko Spiess, Artistic Director: Suna Moya