بدايةً نشكر سعادة السفيرة آمال يحيى المعلمي على الكلمات الرقيقة التي بدأت بها الحوار مع مجلة الشرقية حيث قالت:
يسعدني أن أكون ضيفة على مجلة الشرقية التي لها مكانة مميزة جدا لدي ولدى كثير من سيدات الوطن العربي اللاتي ساهمت هذه المجلة العريقة بتشكيل ثقافتهن وتطوير مداركهن.
منذ عقود بنت الجزيرة العربية الأديبة الرائدة الأستاذة سميرة خاشقجي رحمها الله كان لها السبق في التنويه بأهمية تمكين المرأة السعودية وتفعيل مشاركتها في البناء والتنمية وقد بذلت الكثير من جهدها ومالها وفكرها في سبيل هذه الرسالة، حق علينا الآن أن نذكر السيدة سميرة خاشقجي والرائدات من جيلها وأن نعي بأن ما وصلنا إليه في وقتنا الحالي هو ثمرة جهودهن طوال أعوام من السعي الدؤوب لدعم المرأة السعودية، وقد ذكرت ذلك في عدة أوراق عمل عن مسيرة المرأة السعودية .
هل يمكن أن نتعرف عن قرب على مسيرتكم حتى وصولكم لهذا المنصب الكبير؟
– الحياة هي المدرسة و الجامعة التي نتعلم فيها في كل يوم و نكتسب الخبرات اللازمة للتفوق و الإستمرار فقد عملت مدير عام إدارة التعاون الدولي والمنظمات بهيئة حقوق الإنسان السعودية، ومساعد الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، وعضو مجلس شؤون الأسرة، وعضو في البرنامج الوطني للأمان الأسري، وكذلك عضو لجنة المرأة في منظمة التعاون الإسلامي، ومستشارة لبرنامج سلام للتواصل الحضاري، وعضو المجلس الاستشاري لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، ومسك الختام سفيرة خادم الحرمين الشريفين لمملكة النرويج.
كيف إستقبلتم هذا الخبر العظيم؟وكيف كان وقع الخبر على شخصكم الكريم ؟
– سعيدة جدا بنيل الثقة الملكية الغالية وأدعو الله أن يسدد خطانا ويجعلنا عند حسن ظن قيادتنا ومجتمعنا بنا، وهذا التشريف العظيم هو أيضا تكليف كبير أعي أهميته والمسؤوليات المترتبة علية وسأسعى بإذن الله للإيفاء بمستحقات هذا المنصب وأستمد العون بعد الله من توجيهات قيادتنا الرشيدة ومن الدعم الرسمي والمجتمعي الذي حظيت به وأخيرا وليس آخرا من التمكين والتفهم الذي أجده من أسرتي.
قبل أن ننتقل لمهام المنصب الرفيع .. نريد أن نتعرف على رأيكم فى مسيرة المرأة والفتاة السعودية اليوم فى ظل إنجازات المملكة الرائعة ؟
– المرأة حاضرة في تاريخنا وثقافتنا الإسلامية وهناك نماذج رائدة لنساء مبدعات ومتميزات على مر العصور، قد تختلف أنماط شخصياتهن ولكن يجمعهن الدور الريادي الذي قمن به والتمكين الذي حظين به للمشاركة الفاعلة في مجتمعاتهن و تراوحت أدوارهن بين الشريعة والفقه والحديث والأدب والتجارة والتمريض والطب والتعليم والحسبة وغيرها من المجالات ان اقتضى الأمر كالحرب مثلاٌ، الأمثلة متعددة أذكر منها على سبيل المثال نماذج من أمهات المؤمنين كالسيدة خديجة بنت خويلد والسيدة عائشة بنت أبي بكر والسيدة حفصة بنت عمر والسيدة أم سلمه رضي الله عنهن جميعاً كل منهن كان لها دورا مؤثرا وحضورا مهما في المشهد الاجتماعي والثقافي والسياسي وكذلك الأمر بالنسبة لصحابيات فضليات كان لهن مواقفاً إتسمت بالشجاعة والقوة كالسيدة أسماء بنت أبي بكر والسيدة خولة بنت الأزور والسيدة صفية بنت عبد المطلب رضي الله عليهن وأرضاهن.
ومن المؤكد كذلك أن المرأة السعودية كان لها دوراً كبيراً في بناء الدولة السعودية الحديثة بدءا بالأميرة نورة بنت عبد الرحمن أخت الملك المؤسس والتي كان لها عظيم الأثر في تشكيل شخصية هذا القائد الفذ ودعم طموحه وتشجعيه ومؤازرته مروراً بجداتنا وأمهاتنا العظيمات اللاتي شاركن أيضاً في بناء الدولة في مجالات عدة كالتجارة والزراعة والصناعة والرعي والتعليم والفقه والدفاع عن الحمى.
لقد حرصت على أن أبدأ بالتذكير بهذه النماذج لسيدات متمكنات وممكنات في تاريخنا للتأكيد على أن المرأة في الثقافة الإسلامية والعربية والقبلية لم تكن يوما مهمشة أو بعيدة عن الواقع الإجتماعي الذي تعيشه وما نعيشه اليوم هو إمتداد لمسيرة المرأة في الجزيرة العربية على مر الزمان.
كيف تحقق ذلك في رؤية المملكة 2030 فيما يخص المرأة السعودية ؟
– إن رؤية المملكة 2030 شاملة لجميع جوانب الحياة في المملكة العربية السعودية كما قال خادم الحرمين الشريفين حفظه الله” هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة وسأعمل معكم على تحقيق ذلك”.
هذا يحملنا جميعاً كمواطنين ومواطنات مسؤولية المشاركة الفاعلة في تحقيق الأهداف التنموية لرؤية المملكة 2030.
ويتضح ذلك من الركائز التي تستند إليها الرؤية :
مجتمع حيوي إقتصاد مزدهر وطن طموح
المرأة تمثل نسبة 49,6% من المجتمع السعودي الذي يراد له أن يكون حيويا قادرا على تحقيق النمو الاقتصادي في وطن طموحه عنان السماء، لذا كان لابد من زيادة دعم المرأة وتمكينها من القيام بدورها في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
كذلك إشتملت الرؤية على هدف مخصص للمرأة وهو رفع مشاركتها في سوق العمل من 22% الى 25% بحلول عام 2020 والى 30% بحلول عام 2030.
تحقيق هذا الهدف استلزم أن يتبعه حزمة من الأنظمة والتشريعات التي تمكن المرأة من النجاح. هذه الأنظمة شملت جوانبا اقتصادية وثقافية وإدارية وتعليمية واجتماعية لتمكين المرأة من التزود بالمعارف اللازمة والمهارات المطلوبة ودعمها ماديا ومعنويا وحمايتها من التحرش والايذاء والعنف وأي شكل من أشكال التمييز ضدها مما قد يعترضها أثناء قيامها بالمهام الموكلة اليها، وقد تم مراجعة الأنظمة وتحديثها لتوائم مستهدفات الرؤية ولتتسق مع المعايير الدولية التي صادقت عليها المملكة من خلال الاتفاقيات الأممية، وصدرت العديد من الأنظمة والتشريعات التي تمكن المرأة على المستويين المادي والمعنوي بتهيئة الفرصة أمامها للدراسة والعمل وإتاحة حرية الحركة والتنقل وتحقيق المساواة في الأجور وحمايتها من العنف والتحرش والايذاء وإبراز دورها على الصعيد الرسمي والمجتمعي وعلى المستوى المحلي والدولي.
كما اشتملت الرؤية على برامج ومبادرات لتمكين المرأة من القيام بدورها داخل أسرتها من حيث تعديل وتطوير الأنظمة المتعلقة بالأحوال الشخصية وتمكينها من رعاية ابناءها والقيام على شؤونهم ودعمها بأنظمة عمل صديقة للأسرة مراعية لظروف الأم العاملة بحيث لا تكون المرأة أمام خيار صعب اما النجاح العملي أو الاستقرار السري.
إنطلاقاً من هذه الخطوة الجريئة من خادم الحرمين الشريفين لتعيينكم سفيرة سعودية فى النرويج .. ماذا تتمنين تحقيقة للمرأة السعودية فى ظل هذه الرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين و سمو ولى عهده الكريم ؟ وكيف تنظرين إلى أهم واجباتك الدبلوماسية فى هذا المنصب الرفيع ؟
– طموحي بإذن الله أن اتمكن من إبراز الصورة الحقيقية لبلادي وما تشهده من تطور ونماء وازدهار في جميع نواحي الحياة، وأسعى لتعزيز التعاون المثمر بين المملكتين في مجال الطاقة و التجارة والاقتصاد والسياحة والحفاظ على البيئة وتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الناجحة على الصعيد التعليمي والثقافي، كما يهمني جدا التنسيق في المواقف بين المملكتين في المنظمات الدولية وبناء توجه إيجابي نحو المملكة العربية السعودية وسياساتها الداعية للسلام والبناء والتنمية وخدمة الإنسانية في جميع المجالات.
ماذا تتمنين تحقيقة من خلال هذا المنصب لإرساء قواعد المشاركة الفعالة للمرأة السعودية فى مسيرة التقدم التى تقودها المملكة ؟ و ماهى أهم نصائحك للمرأة السعودية؟ و ماذا تتمنين تحقيقة من المرأة العربية بصفة عامة .. و المرأة السعودية بصفة خاصة ؟
– ما أقوله للمرأة العربية أننا قد قطعنا شوطا طويلا لاستعادة المكانة الرفيعة التي أقرها ديننا ودعمتها ثقافتنا العربية وعلينا الحفاظ على هذه المكتسبات المستحقة وذلك بالعمل والإنتاج والمشاركة الفاعلة في التنمية والسعي لبناء السلام ونشر قيم المحبة والتسامح وأن نعي أهمية الحوار البناء في التربية وتعزيز الروابط بين أفراد الأسرة، المشاركة الفاعلة ليس بالضرورة أن تكون من خلال الدخول لسوق العمل وإنما أيضا بالاستثمار في تنشئة أبناءنا ليكونوا قيمة مضافة في أوطاننا وبالدور الإيجابي الذي نقوم به في مجتمعاتنا ونشر الوعي وتعزيز القيم الإيجابية في محيطنا.
وللمرأة السعودية بشكل خاص أقول إن المطلوب منا كنساء سعوديات أن نكون قادرات على تشكيل نموذجا فريدا يعكس هويتنا وثقافتنا السعودية ويبرز قدراتنا العلمية العالية ومهاراتنا العملية المتميزة.
فهل نحن حاضرات؟
وختاما أتمنى أن يعم السلام والرخاء في بلادنا العربية وأن نستثمر طاقاتنا في بناء أوطاننا وأن ننعم بالطمأنينة والأمان وأن يكون هذا الأمن والاستقرار قيمة مهمة نتمسك بها فبدون ذلك تتعطل التنمية وتهدر الطاقات والموارد